عزالدين الكلاوي أفكار آسيوية: سلسلة جديدة من مقالات عزالدين الكلاوي
يستضيف موقع كووورة بداية من اليوم علي صفحاته الكاتب والناقد الرياضي الكبير عزالدين الكلاوي في مقالات تحليلية منتظمة عن مباريات وأحداث كأس الامم الآسيوية، يمتعنا خلالها برؤيته الفنية والنقدية عن هذا الحدث الاسيوي الكبير ، مثلما أمتعنا خلال مونديال كأس العالم بمقالاته "أفكار مونديالية "التي كان لها صدي كبير لدي قراء ومتصفحي موقع كووورة ..
أفكار آسيوية 1: كرسي في" الكلوب" ؟
لماذا سمح المنتخب القطري العنابي لمنافسه الاوزبكي بأن يتغلب عليه في افتتاح المونديال الكروي الآسيوي رقم 15 بالدوحة وبالتالي جعله يفسد فرحة الافتتاح وحسب المثل العامي المصري يضرب "كرسي في الكلوب "؟!.. وبالتالي شاهدنا ابراموف المدرب المرفوض من إعلام وجماهير بلاده يبتسم ابتسامة واسعة وهو غير مصدق أنه فاز علي المنتخب المرعب صاحب الارض والجمهور ، بل وراح يعتذر للقطريين - في تعاطف ممجوج - أنه أفسد عليهم الحفل والعرس الآسيوي الذي كان أقرب مناسبة رسمية للاحتفال بالحدث الاسطوري وهو نيل دولة قطر حق تنظيم كأس العالم لعام 2022!.
وكيف سمح الفرنسي ميتسو المدير الفني للعنابي وصاحب أعلي وأغلي أجر بين مدربي المونديال الآسيوي ، لنفسه بأن يوجه انتقادات مريرة للاعبيه في تصريحاته لرويترز بأنهم نسوا كل شيء وأفسدوا الامر والفرحة ، قبل أن يتراجع ويعتذر للجماهير القطرية، متهما الضغوط العصبية لمباراة الافتتاح وضغوط الفوز بحق تنظيم مونديال 2022 بأنها السبب الاساسي لتراجع الاداء وخسارة المباراة ، مؤكدا أنه يتحمل المسئولية وليس اللاعبين .
المؤكد ان كل من شاهد المباراة يعرف ان المنتخب الاوزبكي، كان الافضل في المستوي الفني والبدني والروح القتالية والاداء الرجولي والتركيز والنواحي النفسية ،فأين كان ميتسو المنتخب القطري لم يلعب كرة قدم سوي بعض دقائق في بداية الشوط الاول ، ومثلها في نهايته ، ونفس الشيء في الشوط الثاني ، وبعيدا عن ذلك ظل مكتفيا بالدفاع المرتبك الغير منظم ، وفشل لاعبوه في التعبير عن أنفسهم ، وظهروا فاقدين للنسق الجماعبي في الاداء ، فالهجوم فردي اجتهادي يفتقد الفاعلية ، والدفاع مرتبك ومفتقد للتركيز وفنون الرقابة والتغطية والتنسيق ، أما خط الوسط فهو تائه حيران ، مابين زحام ومهارة وحسم الاوزبك ، ومابين قلة العدد ، وقلة الحيلة ، فلا هم قاموا بمساندة الدفاع لتخفيف الحمل والضغط عليه، و لاهم راقبوا منافسيهم في وسط اوزباكستان ، ولا هم قاموا بمهمة الربط بين الوسط والهجوم ، وبالتالي أسهموا في توهان الفريق ، والغريب ان ذلك كله كان تحت نظر وسمع ميتسو الذي لم يحرك ساكنا ، وكأنه نسي أن المهمة الاولي لاي مدرب خلال المباراة ، هي قيادة فريقه وتوجيه لاعبيه ، واكتشاف الثغرات والسعي لسدها ، وتغيير طريقة اللعب وتطوير الاداء ، وقد رأي ميتسو – مثل الجميع – شارعا مفتوحا من ناحية ظهيره الايمن حامد اسماعيل يمرح فيه المهاجم السريع حسنوف وزملائه ، فلم يتحرك لطلب الدعم من زملائه لمساندته ، ونفس الشيء في منطقة الوسط المواجهة لمرمي قاسم برهان والتي أخترقها و ملاها أحمدوف وشاتسكيخ والكسندر جينريخ وجيباروف ووكاربينكو، وهددوا من خلالها المرمي القطري مرارا دون أن يحاول ميتسو تغيير خطته العقيمة ، فقد لعب بطريقة 4/2/3/1 الهجومية علي اساس مساندة ثلاثي وسط بمهام هجومية لرأس الحربة سيباستيان سوريا ، ولكن هذا الثلاثي المكون من حسين ياسر وجارالله المري وفابيو سيزار ، كانوا الاسوأ في المباراة لانهم تقاعسوا تماما عن المهام الدفاعية ، وفشلوا في الادوار الهجومية ، والملعب لم يكن يحتمل سوي واحد منهم فقط ، علي أن يستبدل الثنائي بلاعبين قادرين علي ملء الوسط مع وسام رزق ولورانس اللذين كانا أيضا أقل من المستوي المطلوب ، أما عن رباعي الدفاع فحدث ولا حرج ، فقد ضربهم الفريق الاوزبكي مرات عديدة بكرات عالية خلف الخطوط ، وتغلب عليهم مهاجمو ابراموف في أغلب المواجهات الثنائية ، ولولا رعونة مهاجمي اوزباكستان في انهاء الهجمات ،ولولا امكانات الحارس برهان ، لشهدنا رقما قياسيا لمباريات الافتتاح في المرمي العنابي ، ولا يلومن ميتسو إلا نفسه ، لانه فشل في إعداد فريقه لمواجهة منافس قوي ، وفشل في قراءة أحداث المباراة والتفاعل معها ، وفشل في إغاثة فريقه وسد الثغرات وتغيير طريقة اللعب الفاشلة والساذجة .
والان ، ماذا بقي من الامل للقطريين ؟ هل انتهت المهمة مبكرا وهل يكتفي أهل الدار بالاستضافة والتنظيم الجيد المعتاد؟ .. لا أظن ، بل أنني متأكد أن دروس هذه "العلقة" الكروية الساخنة ، ستفيد بلا شك لاعبي الفريق العنابي وتوقظ عزائمهم للدفاع عن سمعة الكرة في بلادهم ، والاهم ان يستفد ميتسو نفسه من هذه الدروس ويتخلي عن المكابرة واللعب بأربعة مهاجمين ، وأن يعود لمباراة فريقه مع منتخب مصر القوي بطل افريقيا ، ويراجع كيف فاز فريقه رغم أنه لعب مدافعا معظم المباراة وتحمل الضغط الهجومي طول الوقت.
.. ميتسو تواضع بفريقك للكرة، والعب بواقعية واحترام للمنافسين، وادرس منافسيك القادمين بتركيز واحترام ، فربما تستطيع تعويض الاخطاء الكبيرة لمباراة الافتتاح ، واذا كانت خسارة الافتتاح لم تمنع منتخبات كبري مثل اسبانيا في كأس العالم 2010 ، ومصر في كأس أمم افريقيا 1986، من العودة للبطولة واحراز اللقب ، فالفرصة لاتزال باقية امام العنابي ليبقي ويحلم باللقب الاسيوي الاول في أحضان الدوحة .
عزالدين الكلاوي
