غريب محير هذا الزمن.. يحق له أن يطلب الرجوع على الأقل عشرين عاما إلى الوراء.. لينزع عن ثيابه سواد هذه الأيام.. والأكيد أن كرة القدم.. في السعودية تحديدا.. ستقاسمه الطلب نفسه.. إذ لم تعد للمتعة فقط.. كما كانوا يقولون ويرددون عنها قديما.. بل أصبحت للضحك.. والفرفشة.. وربما السماجة والهياط أحيانا!
أتساءل.. لماذا يحرص بعض المسؤولين على إسعادك وإرضائك بالبقاء معك أكبر وقت ممكن.. والدليل: افتح التلفزيون وستجدهم ماثلين أمامك.. شغل الإذاعة وستطاردك أصواتهم العذبة.. في البث الفضائي.. في الأرضي.. في الجريدة.. في القهوة.. في الحلاق وفي اليوتيوب.. أيضا ستراهم.. وربما يحضرون قريبا في منامك حتى لا تشتاق لهم!
وأتساءل أيضا.. كيف يعلقون لافتات ممنوع التدخين في كل متر داخل منشآت الأندية.. في الوقت الذي نرى فيه كثيرا من اللاعبين يختمون حصصهم التدريبية بالتقاط الولاعة وعلبة الدخان.. لتنطلق حملة المدخنين الخيرية فيما بينهم.. بعنوان: خذلك سيجارة!
اجلس.. وقل لي.. ما شعورك.. عندما ترى أخاك أو عمك أو صديقك يخضع لاختبار لياقة قاس جدا.. بسبب مشجع اقتحم الملعب ليركض كالمجنون في أرجائه.. وكأن المفحطين كبارا وصغارا قد اتفقوا على تحويل نشاطاتهم خلال المباريات من الشوارع إلى الملاعب!
حتى المنتديات الالكترونية ما سلمت منهم.. وانحدرت بسبب الفئة الغالبة من أعضائها الحاليين.. أي الجماهير المتخلفة ثقافيا وفكريا وهم في نظري في نفس مستوى مقتحمي الملاعب والمفحطين.. لقد تحولت بسببهم مجالس الحوار والنقاش الكروي.. إلى مكان أقرب ما يكون وصفه إلى مقلط أطفال مزعج جدا.. تود أنك لا تزوره أبدا.. لنتحسر مجبرين.. على عصر صار حتى طالب الابتدائية فيه يمتلك الجوال والحاسوب!
حدث في السعودية فقط.. عندما رفع منتخب السنوكر شعار (وش الطبخة).. بعد أن ارتكب مدربه الأفغاني محمد صالح.. الخديعة الكبرى بحق الرياضة السعودية.. حين وجدوه قد تحول فجأة من مدرب لهم إلى لاعب ضدهم في صفوف منتخبه أفغانستان.. ثم يقبلون بعودة المدرب معهم إلى جدة في نفس الطائرة.. دون أن يخرج أحدهم ليسأل المدرب: إحنا تقابلنا قبل كذا؟!
